رائدات ساهمن في ازدهار السينما السعودية وأسرار نجاحهن

مع عودة السينما السعودية للحياة مرة أخرى وإعادة فتح دور العرض السينمائي بعد عقود من الغلق والحظر، شهدت السينما السعودية خلال السنوات الأخيرة ازدهارًا كبيرًا ولاقت صناعة الأفلام السعودية انتشارًا واسعًا داخل المملكة وفي جميع أنحاء العالم وحتى عبر منصات المشاهدة المختلفة، لتتخطى الإيرادات 250 مليون دولار خلال 2023، كما بلغ عدد دور العرض 69 دارًا تحتوي على 620 شاشة في 20 مدين

يعد الانفتاح والتحرر اللذان شهدهما المجتمع السعودي إلى جانب تمكين المرأة في عدة مجالات، أهمها صناعة السينما، من العوامل الأساسية التي ساعدت على ذلك التطور. وبما أن المجتمع السعودي يمتاز بالحكايا بشكل عام كما وصفته المخرجات السعوديات، فقد لاقت القصص والحكايات الخاصة بقضايا المرأة، أو “الحكايا النسائية” رواجًا كبيرًا، ومن خير وأفضل من يحكي عن المرأة غير المرأة نفسها، لذا فقد أصبحت المرأة السعودية رائدة في صناعة الفن والسينما وساهمت بشكل ملحوظ وكبير في ازدهار صناعة الأفلام والسينما السعودية. ومن أبرز الرائدات في هذا المجال

(Instagram) : هيفاء المنصور

تعد المخرجة والكاتبة السينمائية هيفاء المنصور من أبرز السيدات اللاتي ساهمن في تغيير وتطور السينما السعودية، وتعد أيضًا من أوائل السعوديات اللاتي عملن في هذا مجال ، فهي أول مخرجة سينمائية سعودية

يعد فيلمها الوثائقي نساء بلا ظل (2005) من أبرز أعمالها في بداية مسيرتها وهو أول فيلم يعرض لها داخل السعودية، ويناقش ويحكي عن الوضع الاجتماعي للمرأة السعودية والعقبات والضوابط التي تواجهها، خاصةً المرأة البسيطة والشابة. أما عن فيلم وجدة (2012) الذي قامت بإخراجه وكتابته بالكامل فهو أول فيلم روائي طويل سعودي يتم تصويره بالكامل داخل المملكة وتحديدًا بالعاصمة الرياض، وبتصريح رسمي، مما يعتبر نقلة كبيرة في صناعة الأفلام السعودية، وهو من انتاج مشترك ألماني وسعودي. وقد حاز الفيلم ومخرجته على عدة جوائز متميزة

مثابرتها وإصرارها على تحقيق حلمها والوصول لتجسيد رؤيتها الخاصة بصناعة أفلام تشبهها وتمثلها وتمثل بلدها وثقافتها من أهم أسرار نجاحها، فرغم الصعوبات والعواقب التي واجهتها في بداية مسيرتها من قلة أو شبه انعدام الموارد وكثرة القيود المجتمعية مثل عدم تقبل نزول المرأة للعمل بالشارع والاختلاط بالرجال، تمكنت من تخطي كل تلك العقبات وجعل أفلامها تخرج للنور، حتى أنها قامت بإخراج المشاهد الخارجية لفيلمها الروائي الأول وجدة من داخل سيارة مغلقة (van) تحتوي جميع شاشات التصوير وكانت تقوم بالاتصال بفريق العمل من خلال أجهزة لاسلكي، كما جاهدت كثيرًا للحصول على التمويل والانتاج المناسب للفيلم وليس فقط إخراجه

(Instagram) : فاطمة البنوي

كاتبة ومؤلفة ومخرجة وممثلة، تعد أيضًا من أوائل وأهم الفنانات اللاتي غيرن وشكلن الساحة الفنية في السعودية. قامت ببطولة فيلم بركة يقابل بركة (2016) والذي يعد نقلة كبيرة في السينما السعودية، الفيلم رشح للأوسكار لأحسن فيلم أجنبي لعام 2017، وهو يعرض تزمت وانغلاق المجتمع السعودي في ذلك الوقت ومحاولات الثنائي بركة وبركة الذان وقعا في الحب على التغلب على تلك القيود المجتمعية

شاركت أيضًا في بطولة عدة أفلام سعودية مثل الهامور ح.ع (2023) وسكة طويلة (2022) وحتى أفلام مصرية مثل العميل صفر (2023)، وأعربت عن سعادتها لانضمامها للسينما المصرية واحتفاء الشعب المصري بها وكذلك عن وصول السينما السعودية إلى مصر. كما شارك فيلمها الجديد أحلام العصر (2023) في الدورة الثالثة من مهرجان البحر الأحمر، وهي ترى أن “السينما السعودية فرضت نفسها عالمياً بعد التجارب السينمائية العديدة التي قدّمتها خلال السنوات الأخيرة، التي ظهر تأثيرها خلال الدورة الأخيرة من مهرجان (البحر الأحمر السينمائي)”. كما شاركت في إخراج فيلم بلوغ، وتقوم حاليًا بكتابة وإخراج وبطولة فيلمها الجديد بسمة والذي من المقرر عرضه في 2024

كونها مخرجة وممثلة جعلها تتفهم أكثر وجهة نظر الطرف الآخر وما يشعر به ويعيشه أثناء تنفيذ العمل، فحين تمثل فهي مدركة لرؤية المخرج وحين تقف وراء الكاميرا فهي متفهمة لكل ما يمر به الممثل وذلك أضاف الكثير لها ولأعمالها. ومن ناحية أخرى وسر آخر من أسرار نجاحها يكمن في تأنيها وصبرها واتقانها للعمل دون عجلة ودون خلط أو تكديس للقصص والقضايا المطروحة، فهي تركز على حكاية وتعطيها كل الوقت اللازم وتشخصنها وتحددها وتحدد بدايتها ونهايتها حتي لا تضيع بين الحكايات وتخسر باقي حكاياتها وهذا ما يجعل القصة اقوى من وجهة نظرها

(Instagram) : هند الفهاد

بدأت مسيرتها كمصورة فوتوغرافية ولكن لطالما كان شغفها الأكبر هو صناعة الأفلام فسرعان ما اتجهت للإخراج والانتاج السينمائي في عام 2012، تلهمها “الحكايا النسائية” كما وصفتها لذا نجد انها العامل المشترك في غالبية أعمالها

أول أفلامها هو ثلاث عرائس وطائرة ورقية (2012)، ولكن يعد فيلم بسطة (2015) هو الانطلاقة الحقيقية لها كمخرجة لتثبت من خلاله نجاحها وموهبتها. وهو يحكي عن الصعوبات والتحديات اليومية التي تواجهها المرأة السعودية البسيطة للعمل من أجل كسب لقمة العيش. وقد حاز على عدة جوائز في مهرجانات مختلفة عالميًا وكذلك داخل المملكة رغم عدم وجود دور عرض سينمائي بعد، وهو ما يثبت الحراك الذي بدأت تشهده صناعة السينما في السعودية. أما عن تجربتها في فيلم بلوغ فقد كانت مشاركة متميزة من ضمن خمس مخرجات يحكين خمس قصص نسائية مختلفة في فيلم واحد. الفيلم شارك في مهرجان القاهرة السينمائي ولاقي صدى هائل

وراء الكاميرا لا فارق بين رجل وامرأة ولا يهم من يحتل هذا المكان فما يهم حقًا هو كيفية ظهور الصورة وإيصال الحكاية عن طريقها؛ تلك هي رؤية هند الفهاد لمهنة الإخراج. لذا كان شغفها وإيمانها “بلغة الصورة وقدرتها على إختزال الكثير من الكلام في لقطة”، وبراعتها في تنفيذ ذلك من أكثر ما جعل منها مخرجة متميزة. ومما ساهم أيضًا كثيرًا في نجاحها وسرعة تقدمها في مجال السينما كونها تجيد العمل مع الآخر أو كما يطلق عليها “team player” وحبها للمشاركة وبحثها الدائم عن المهتمين بالمجال للعمل معهم أو الاستلهام وحتى التعلم منهم، فقد تعاونت مع أخريات في أكثر من عمل لها وهو ما أثرى كثيرًا من قيمة تلك الأعمال

(Instagram) :هند محمد

هند محمد هي اول ممثلة سينمائية سعودية، وكان ذلك بمشاركتها في بطولة فيلم كيف الحال (2006)، وهو أول فيلم سينمائي من انتاج سعودي ولكنه لم يصور أو يعرض في السعودية، حيث لم يكن هناك دور عرض سينمائية في السعودية بعد، وذلك خلال فترة الحظر. ويحكي الفيلم قصة عائلة سعودية تنازع بين التقاليد والتحرر حيث ناقش عدة قضايا خاصة بالمرأة السعودية ووضعها والقيود التي تحيط بها

قامت أيضًا هند محمد ببطولة عدة أفلام منها فيلم العميلة (2022)، اللغز (2019)، حب كام (2022)، ومسلسلات مثل مسلسل عيال نوف، منهو ولدنا، ومسلسل الميراث والذي يعد أول مسلسل “soap opera” سعودي. وتم عرض أغلب تلك الأعمال على منصات المشاهدة الالكترونية مما ساهم في انتشار وتوسع صناعة الأفلام السعودية في جميع أنحاء العالم

إيمانها بأهمية التدرج لاكتساب الخبرة في أي مجال وشغلها على نفسها في جميع النواحي بالإضافة إلى اصقال موهبتها بالتدريب على يد مخرجين مختلفين وضمن مجموعات من ممثلين ومخرجين عرب من أكثر ما عزز نجاحها. كذلك انتقائها الدقيق للأعمال التي تقدمها أو تشارك بها واختيارها للنص الجيد أو “النص الصح” على حد تعبيرها. وفي رأيها لابد لها كفنانة من تقديم أعمال مختلفة عن طبعها وشخصيتها وأن هنا يكمن الإبداع وهذا ما يميز الفنان

(Instagram) :فَىّ فؤاد

عارضة أزياء وممثلة شابة لاقت شهرة كبيرة وواسعة في الآونة الأخيرة، كما أن لديها حضور مميز علي شبكات التواصل الاجتماعي. وتعد من أبرز فنانات بنات جيلها، فهي من مواليد (1990) وتعتبر ممن شكلوا المشهد الفني السعودي في الآونة الأخيرة، والذي ينقل الصورة التي أصبح عليها المجتمع السعودي والتطور والتغيير الذان شهدهما خلال الأعوام الماضية وخاصةً وضع المرأة الذي تخلص من الكثير من القيود ووجودها وتألقها بقوة وتمكينها في جميع الجوانب المجتمعية

من أهم أعمال فَىّ السينمائية فيلم الهامور (2023) والذي يحكي عن أشهر عملية احتيال شهدتها السعودية في بداية الألفينات وتم طرحه في دور العرض السعودية في يناير 2023 ثم في مصر. وكذلك فيلم 90 يوم (2022) والذي يناقش عدة قضايا اجتماعية شائكة من خلال ثلاث أجيال

تلقائيتها وطبيعيتها وصدق أدائها جعلوا لها شعبية كبيرة وزادوا من نجاحها وحب جمهورها لها، كذلك قدرتها على التلون الدرامي وتجسيد الشخصيات المركبة جعلت أدوارها أكثر تميزًا، كل هذا إلى جانب حضورها المتميز وإطلالتها الساحرة دائمًا. كل هذا جعل منها من أفضل وأنجح الفنانات الشابات السعوديات

Post List

related posts

Hot News

Trending